طبيبة، ممرضة، مصورة، مصممة ديكور، مهندسة، مهن عديدة إمتهنتها الفتاة، وأصبحت عائقا أمامها، لتصبح زوجة وأما.
فأغلبية الرجال، ينظرون لكل فتاة تمتهن هذه المهنة، على أنها نصف امرأة، مما يجعلهم يعزفون عن الإرتباط بها، ليتركوها في مفترق الطرق، لتواجه شبح العنوسة.
ويرتفع معدل العنوسة، ليصل إلى أعلى نسبة له بين الطبيبات والممرضات، وخصوصا في المجتمع السعودي، الذي يرى أن عمل المراة بهاتين المهنتين، يتعارض مع الدين، والعادات، والتقاليد، وأن الممرضة في نظر البعض ليست إلا خادمة، وهو ما لا يليق بالسعوديات، علاوة على إعتبار الرجال للمرأة العاملة في مثل هذه الوظائف، فاقدة للرومانسية، حيث معايشتها للأمراض، التي تُغيِّب في نفسها روح الرومانسية، وتصيبها بالجفاف، فضلا عن مخالتطها للرجال، وطول ساعات العمل خارج المنزل، مما يجعلها غير قادرة على إعطاء الإهتمام الكافي لأسرتها.
يقول عبدالله أنا لا أريد الزواج من ممرضة، فهذه مهنة دونية، فهى ليست إلا خادمة، فضلا عن تعرضها بإستمرار لمضايقات من يترددن على المستشفيات، وهذا ما لا يقبله رجل مسلم.
أما إياد.م فيقول: ما الذي يجبرني على الإرتباط بنصف زوجة؟ وتابع عندما أتزوج من طبيبة، أو ممرضة، يجب علي ألا أشتكي من عدم تواجدها بالبيت إلا ساعات قليلة، أوعدم إعطائي الإهتمام الكافي لى أنا وأولادي، لأعود من عملي، لا لأرتاح، ولكن لأتحمل ضغوطا أكثر، فأنا أتزوج لأكون أسرة وأستقر.
وأرجع محمد.ا سبب عنوسة بعض الفتيات الناجحات إلى رفضهن الإستغناء عن نجاحهن من أجل بيتهن، وأطفالهن، فهدفهن الأساسي، نجاحهن في عملهن.
وتؤكد حسناء.م طبيبة 35 عاما أن مشكلة العنوسة، مشكلة تواجه الطبيبات أكثر من أى مهنة أخرى، موضحة أن السبب وراء ذلك، هو طول فترة الدراسة، التي لا تعطي الفتاة فرصة للتفكير في الإرتباط، حتى لا يشغلها عن المذاكرة، بالإضافة إلى تطلع الطبيبة للإرتباط بطبيب مثلها، ونظرتها لنفسها، على أنها أحسن فئات المجتمع.
أما فاطمة.ع طبيبة أطفال فتقول: للأسف مهنتنا أصبحت سبباً في عزوف العرسان عنا، فأنا عمري الآن 35 سنة، ولم أوفق في الإرتباط، برغم خطبتي من قبل، وطالبني خطيبي بترك العمل والتفرغ للأسرة فرفضت، خاصة أنى ذكرت له أن بعد كل سنوات الدراسة تلك، لا يمكنني المكوث بالبيت،إلا أنه صمم على رأيه، مما جعلني أرفض الإرتباط.
= لست نادمة...
أما آمال 40 سنة طبيبة فتقول: أصبحت وبلا فخر أحمل لقب عانس، لكني لست نادمة إطلاقاً، والسبب هو أنني فضلت المكانة الإجتماعية، ولقب دكتورة، فرفضت الإرتباط، حتى لا يشغلنى شيء عن ممارسة مهنتي.
= مهن أخرى...
ولم تقتصر المهن التي يعزف الشباب عن الإرتباط بصاحبتها على مهنتي الطب، والتمريض، بل هناك العديد من المهن الأخرى، التي تفرض على صاحبتها، لقب عانس.
تقول هبة الله.ع: أنا أعمل بشركة أدوية مرموقة، وعمري الأن تعدى 35 عاما، إلا أنني لم يحالفني الحظ في الإرتباط، بسبب مهنتي، فأنا إضطر للمكوث خارج البيت ساعات طويلة بحكم عملي، وكل من تقدم لي، يطلب مني ترك العمل، وهذا لن أوافق عليه مهما طال بي العمر، فإثبات ذاتي، هو أملى الوحيد، وليس مكوثي بالبيت.
اما زينب.م 45 عاما فتقول: أنا أعمل في مجال التسويق، والمبيعات، وعلى الرغم من تمتعي بقدر كبير من الجمال، وإجادتي لكافة الأعمال المنزلية، إلا أنني لم أرتبط حتى الآن بسبب مهنتي، فالشرط الأساسي الذي يطلبه منى كل من يتقدم، ترك العمل.
=خروج المرأة.. السبب
وأرجعت الدكتورة مها الكردي أستاذ علم النفس السبب في تفاقم ظاهرة العنوسة، إلى خروج المرأة للعمل بشكل أوسع، وإعتمادها على نفسها، هذا إلى جانب أن الفتاة وهى صغيرة السن، يكون من السهل عليها الإختيار، والإقتناع بشريك الحياة، لكن كلما كبرت وتقدم بها السن بعد إستكمال التعليم والعمل، تبدأ في وضع شروط أكثر، وبالتالي تتأخر في مسألة الإرتباط، والوصول للزوج المناسب، وأضافت هذا يظهر بوضوح في وسط الطبيبات، فهي بعد عملها تصبح مكتفية ماديا.
وقالت للأسف تحكم الإعتماد المادي على النفس في العلاقات الإنسانية من القيم السلبية التي وجدت في المجتمع، وهذا بخلاف السابق، حيث كانت المصلحة الإجتماعية، تطغى على المصالح الشخصية.
= ظل رجل ولا ظل حيطة...
وأوضح الدكتور كمال الدين حسين الطبيب النفسي وأستاذ الدراسات الشعبية بجامعة القاهرة أن هناك معادلة لدى المرأة المتعلمة بصفة عامة، فيما أسماه الزواج المتكافئ إلى الزواج التكاملي، وأوضح أنه كلما حصلت المرأة على درجة عالية في التعليم، سواء كان تعليماً متخصصاً كالطب، أو الهندسة، أو التحاليل الطبية، أو درجة علمية، كالماجستير، والدكتوراه، يكون من الصعب عليها أن ترى في الزواج المتكافئ وسيلة للزواج، خاصة في ظل الوضع الإقتصادي، الذي يقف حائلاً دون تحقيق أي مشروع أسرة.
وأضاف في هذه الحال تريد مؤهلاً يساويها، وزوجاً قادراً يساوي طموحها العلمي والمادي، وعندما تصطدم بأن هذا التكافؤ والمساواة، التي تتطلبها طموحاتها، لا تتوافر فيمن يناسبها في السن مثلاً، فترجئ التفكير في الزواج حتى مراحل حرجة من عمرها، وأشار إلى أن البعض منهن تحت الضغوط الإجتماعية، يلجأن إلى الرضى بالزواج بالتكامل، بمعنى أنها كطبيبة قد تقبل بالأطباء من مستويات إجتماعية أدنى، أو قد تقبل بخريجي كليات الآداب وغيرهم، طالما أن ذلك سيحقق جانباً آخر من طموحاتها، وليس الجانب العلمي هو المحك للتكامل، وربما كان الجانب المادي غير متوفر ولكنه علمياً مقبول، وتابع قد تجد الفتاة شخصاً مساوياً لها علمياً، ولكنه غير مكافئ لها مادياً وإجتماعياً، مثل أن يكون سبق له الزواج من قبل، أو أن يكون له أولاد من زواج سابق، ومن هنا تبدأ النظرة التكاملية لديها، فتتجه نحو إستكمال نقص معيشي لديها من جانبين، الأول بمنطق -ظل رجل ولا ظل حيطة- والثاني حتى لا تتهم بالعنوسة، فتتنازل لتكمل مع هذا الرجل ما تريده.
الكاتب: رشا أحمد.
المصدر: موقع رسالة المرأة.